هل الناس قبل تطور الطب كانوا بيدفنوا المصاب بالغيبوبة كأنه مات؟

12 o'clock
0

في صيف عام 1915م، كان في إمرأة إسمها (إيسي دنبار Essie Dunbar) عندها 30 سنة، وكانت عايشة في ولاية South Carolinian الأمريكية، وفجأة وبدون سابق إنذار، جالها نوبة صَرع قوية جدًا، وبعدها توقفت تمامًا عن الحركة، ولما استدعوا الطبيب علشان يعاين حالتها، للأسف مالقاش أي علامة تدل على إنها مازلت على قيد الحياة وأعلن عن وفاتها.

بعدها حطوها في تابوت خشبي، وأجلوا الجنازة لتاني يوم الصبح علشان يدوا فرصة لأختها اللي عايشة في مدينة مجاورة بإنها تيجي وتحضر مراسم الدفن، وبالرغم من إنهم عملوا الجنازة فعلاً بعدها بيوم، إلا إن أختها إتأخرت جدًا، ويادوب جت في اللحظة اللي كانوا بينزلوا فيها التابوت الخشبي في الحفرة بتاعت القبر، وهيردموا عليه، وهنا طلبت من القائمين على الدفن بإنهم يسمحوا لها بإنها تشوف وش أختها إيسي ولو لمرة أخيرة علشان تودعها، وبالفعل بعد إلحاح شديد وافقوا، وأزالوا المسامير مرة تانية، وفتحوا غطاء التابوت، وهنا بقى كانت المفاجأة، أول ما التابوت اتفتح كل الموجودين في المكان لقوا إيسي قامت من التابوت وقعدت وبصت عليهم بإستغراب شديد جدًا، في الوقت ده كل الناس بدأت تصرخ، وهربوا من المكان بما فيهم أخت إيسي نفسها، وحصل حالة هستيريا في المدينة كلها؛ وده لأنهم كانوا معتقدين إنها شبح، لكنه إتضح بعد كده إن إيسي مكنتش ماتت ولا حاجة، ولكنها كانت في غيبوبة مؤقتة، ومن المدهش إن إيسي عاشت بعد الواقعة دي حوالي 47 سنة لحد ما توفت في عام 1962م.

الغيبوبة عبارة عن إية؟

الغيبوبة أو الـ Coma هي حالة من غياب الوعي، لما بتصيب الشخص بتخليه يفقد القدرة على الإستيقاظ حاجة أشبه بالنوم نوعًا ما، ولكن بتختلف عنه في عدم التجاوب مع المُحفزات الخارجية اللي زي الألم أو الصوت أو الضوء وغيرهم، يعني مثلاً لو فيه شخص نايم وشغلنا عليه النور ، أو إتكلمنا جنبه بصوت عالي جدًا، أو لو سببناله بعض الألم زي إننا نقرصه مثلاً ففي كل الحالات دي، الشخص هيصحى من النوم بدون شك وهيصحى منزعج كمان، أما بقى الشخص اللي بيبقى مصاب بالغيبوبة فـ كل الحاجات اللي فاتت دي ما بتأثرش فيه إطلاقًا، الشخص وقتها ما بيتفاعلش مع الوسط المحيط ومابيستجبش للألم وبؤبؤ عينه مابيبقاش حساس تجاه الضوء، وحتى أنفاسه بتبقى غير منتظمة، وطبعًا حِدة الأعراض دي بتختلف من حالة للتانية؛ لأن الغيبوبة ماهياش نوع واحد.

الغيبوبة في العصور القديمة

على مَر جميع العصور القديمة بقى ولحد القرن الـ 18 تقريبًا كان للأسف الشخص اللي بيجيله غيبوبة، بيتحكم عليه فورًا بالموت؛ وده لأن الطب وقتها مكنش متطور بشكل كافي، وخصوصًا إن حالة الغيبوبة بالتحديد هي واحدة من الحالات الطبية المُعقدة جدًا حتى بالنسبالنا إحنا في العصر الحالي، الشاهد بقى إنه مع حلول القرن الـ 19 بدأت تنتشر ظواهر غريبة جدًا، ظهرت بلاغات كتير من الناس عن إن في أشخاص أحياء بيتم دفنهم عن طريق الخطأ؛ بسبب التشخيص الطبي الغير دقيق ومعظم الحالات دي للأسف مابيتمش إنقاذهم، يعني مثلاً في عام 1822م كان فيه شخص ألماني عنده 40 سنة بيشتغل في صناعة الأحذية وجاله غيبوبة فجأة، لكن طبعًا الناس وقتها مكنوش فاهمين ده، وعلشان كده دفنوه علطول بدون أي تفكير، المدهش بقى إن بعد ما الجنازة خلصت الشخص اللي كان مسؤول عن ردم التراب على التابوت سِمع صوت خبط جاي من المقبرة، ولما تمالك أعصابه وشال الردم تاني علشان يشوف في إيه اكتشف إن الراجل صانع الأحذية ده بيتحرك جوا التابوت، ولما كشف الغطاء اكتشف إنه لسه عايش، وفورًا أخده وواده لدكتور علشان يعالجه، وأجروا عليه محاولات الإنعاش لمدة تلات أيام متتالية، لكن للأسف كل المحاولات دي باءت بالفشل والشخص ده مات، وتم دفنه للمرة التانية والأخيرة.

ونفس الشيء بالظبط حصل في عام 1867م مع إمرأة فرنسية عندها 24 سنة، كان إسمها (فيلوميل جونتر Philomele Jonetre)، السِت دي برده اكتشفوا إنهم دفنوها عن طريق الخطأ، وطلعوها حية من التابوت بتاعها، لكنهم برده ماقدروش ينقذوها واتوفت بعدها بيوم.

مكافحة الدفن الحي

القصص بتاعت الأشخاص اللي بيندفنوا أحياء سببت ذعر في أرجاء أوروبا بالكامل، كل الناس كانت خايفة من فكرة إنهم ممكن يمروا بنفس التجربة ويندفنوا وهما على قيد الحياة، بل إن الناس في العصر الفيكتوري نظموا مؤسسات وجمعيات علشان يحدوا من حالات الدفن الحي اللي بتحصل قدر الإمكان، وعلشان كِده في الحِقبة دي ظهرت طرق وأفكار غريبة جدًا جدًا علشان يتأكدوا بيها هل الشخص ده لسه عايش ولا مات فعلاً، وواحدة من الطرق دي مثلاً هو إنهم كانوا بيجيبوا شفرات حادة ويقعدوا يجرحوا بيها في قدم الشخص اللي قدامهم، وكان الهدف من اللي بيعملوه ده هو إعتقادهم بإن الألم الفظيع المفروض يجبر الشخص بإنه يستيقظ من الغيبوبة اللي هو فيها ولو ما إستجبش للألم فـ ده معناه إنه ميت، وأحيانًا كانوا بيحطوا صباع الشخص فوق شمعة أو شيء ساخن جدًا، علشان يشوفوا رد فعل جسمه تجاه الحرارة، ولو ماحصلش ردة فعل، فـ ده برده بالنسبالهم معناه إن الشخص ميت، وفي أحيان تانية كانوا بيفرغوا مِعدة الشخص تمامًا، وده ظنا منهم إن الجوع هيجبر الشخص إنه يفوق من الغيبوبة بتاعته، لكن طبعًا كل الحاجات اللي بيعملوها دي مكنتش بتجيب أي نتيجة إطلاقًا؛ لأن زي ماوضحنا من شوية، الأشخاص اللي بيكونوا في غيبوبة – وخصوصًا الغيبوبة اللي من النوع العميق – مابيستجيبوش لأي مؤثرات خارجية بما فيها مُؤثرات الألم.

أسطورة مصاصي الدماء!

نظرًا بقى لإن كل الطرق السابقة دي مكنتش مُفيدة إطلاقًا، فـ ده بدوره خلى الناس تكتشف برده حالات جديدة لأشخاص بيتم دفنهم أحياء عن طريق الخطأ، وده بالتابعية زود حالات الرعب والخوف في أوروبا وفي العالم الغربي أكتر وأكتر ، وهنا بقى ظهر الحل الأخير بالنسبالهم، واللي طبعًا لا يقل في الغرابة عن الحلول اللي قبل كده، طالما مش قادرين نعرف هل الشخص مات فعلاً ولا لأ فإحنا في أي تابوت نستخدمه نعمل فيه فتحات تهوية ونحط حبل جوا التابوت، والحبل ده يبقى مربوط بجرس موجود في المقبرة من برا، ولو الشخص اللي اتدفن طلع ميت فعلاً فيبقى كتر خيره، أما لو اتضح إننا دفنا شخص حي عن الطريق الخطأ فيبقى قدامه فرصة إنه يشد الحبل وبالتالي الجرس يرن والشخص المسؤول عن حراسة المقابر ينتبه ويروح يطلعه، وده حرفيًا اللي عملوه، وفي تصاميم تانية للتوابيت، ركبوا فيها نظام معين من العتلات والبكرات المُتصلة ببعض بحيث إن أي حركة تحصل داخل التابوت، حتى لو حركة بسيطة فده يخلي الغطا بتاعه يتفتح بشكل تلقائي، وبالتالي الشخص يقدر يخرج بسهولة، وبقايا المقابر والتوابيت الغريبة دي موجودة لحد النهاردة في بريطانيا وأجزاء من أمريكا الشمالية، وطبعًا كل ده مكنش حل أصلاً للموضوع، بل إن الأجراس بتاعت التوابيت، لما الناس كانوا بيسمعوا صوتها بليل لأي سبب حتى لو بسبب الرياح كانوا بيترعبوا جدًا، وبدأ مع الوقت ينتشر أقاويل بإن الجثث بتخرج في الليل علشان تنتقم وبعدين أول ما ضوء النهار بيظهر ، بتبدأ ترجع للمقابر مرة تانية، ويمكن الموضوع ده كان عامل مهم في إبراز أسطورة مصاصي الدماء في الحِقبة دي تحديدًا.

حلول متواضعة

أخيرًا بقى، بالرغم من الهبد الكتير اللي كان بيحصل في طرق الكشف عن الغيبوبة، إلا إنه ظهر مع الوقت بعض الأساليب المقبولة اللي كانوا بيقدروا يعرفوا بيها فعلاً هل الشخص عايش ولا ميت، كان من الطرق دي مثلاً إنهم بيكشطوا منطقة من جلد الشخص باستخدام فرشة معينة، وبيكرروا الموضوع ده أكتر من مرة، أو بيجيبوا أعشاب مُهيجة وبيحطوها على الجلد لفترة طويلة، وبعدين بيراقبوا مظهر الجلد وبيشوفوه اتغير ولا لاء، ولو لقوا الجلد اتهيج ولونه بقى مِحمِر ، فده معناه إن الشخص عايش والدورة الدموية بتاعته مازالت شغالة والعكس صحيح، كمان من الطرق الغريبة جدًا اللي كان بيعملوها هو استخدام أداة إسمها (مقياس الموت أو الـ Thanatometer)، والأداة دي كانت عبارة عن إبرة معدنية طويلة، كانوا بيدخلوها في جسم الميت ويسبوها فترة معينة، وبعدين يخرجوها تاني ويقيسوا درجة حرارتها؛ وده علشان يتحققوا من درجة حرارة أعضاء الجسم الخارجية؛ وده لأن الشخص الحي بيكون جسمه من الداخل ساخن، حتى لو الجسم من برا بارد تمامًا، لكن طبعًا مع التطور الحالي بيتم استخدام أساليب حديثة بنقدر نعرف بيها هل الشخص في غيبوبة فعلا ولا لأ، بجانب طبعًا الأساليب اليدوية اللي بيقوم بيها الأطباء المتخصصين.

إرسال تعليق

0تعليقات
إرسال تعليق (0)

#buttons=(Accept !) #days=(20)

Our website uses cookies to enhance your experience. Learn More
Accept !
To Top