في المراعي المفتوحة والسافانا في منطقة جنوب الصحراء الكبرى الأفريقية، هتقابل طائر جميل ذو أرجل طويلة يوصل طولها لحوالي 1.5 متر، وعنده رأس تشبه رأس النسر لكن موجود أعلاها ريش بيخلي الطائر أشبه بالمَلِكة اللي موجود على رأسها تاج، وعنده رموش حولين عينه شبه رموش الإنسان الكثيفة، ومن الطبيعي طائر بالشكل والوصف دا هيجذب انتباهك بشكل ملحوظ وهتكون حابب تقرب منه وتودّه زي ما ممكن تعمل مع الطاووس مثلًا، لكن قبل ما تاخد الخطوة دي محتاج أقولك متخليش الطائر دا يسحرك بجماله وشكله المميز، لإن المظاهر عادًة بتكون خداعة، والطائر دا مش مجرد طائر لطيف بالمرة، ومش هقولك إنه طائر من الطيور الجارحة وخلاص بل إنه يعتبر من أشرسهم كمان.
مين طائر الكاتب؟
طائر الكاتب حجمه أكبر من المُعتاد في الطيور، وله أرجُل رفيعة وطويلة وفي منتصفها رُكبة بتخليها أشبه بالرافعة، وبيوصل طول طائر الكاتب لحوالي 1.5 متر، وبيمتلك جناح طويل جدًا طوله بيوصل لأكتر من 2 متر، وبيوزن جسمه في المتوسط حوالي 5 كيلو جرام، وعلى الرغم من إن طائر الكاتب يعتبر أطول من أي طائر جارح تاني إلا إن رقبته مش طويلة أبدًا ومش أطول من أقرانه زي النسور أو الصقور مثلًا، وعلى عكس النعام اللي بيمتلك رقبة طويلة جدًا وبيقدر يتنيها لأسفل عشان يلتقط طعامه من الأرض من غير ما يتني جسمه؛ فطائر الكاتب رقبته مابتساعدوش على دا أبدًا، لكنه عشان يلتقط طعامه من الأرض محتاج إنه ينزل جسمه كله ويتني ركبته عشان يوصل للأرض ويقدر يلتقط فريسته.
وعلى الأغلب طائر الكاتِب بيكون طائر بري على عكس الطيور الجارحة التانية – وبري هنا معناها إنه بيصطاد من على الأرض وبيركض ورا فريسته على أقدامه-، بس مش معنى إنه بري يعني إنه مابيقدرش يطير، لكنه بيميل أكتر لوجوده على الأرض؛ ومواصفات طائر الكاتِب عمومًا تعتبر مواصفات فريدة وغريبة وبتحوي أسماء كتيرة جدًا كان ممكن يتسمى بيها الطائر دا؛ لكن على الرغم من كدا إلا إنه إتسمى بالكاتِب، بس يا ترى إيه سبب الإسم دا؟
ليه إتسمّى بـ الكاتِب؟
إسم طائر الكاتِب أو طائر السكرتير هو إسم إنجليزي يعود للقرن الـ 19، لما اكتشف الأوروبيون الطيور دي لأول مرة، وفي الوقت دا كان السكرتارية والكتاب الإنجليز بيرتدوا معاطف لونها رمادي وبنطلونات واسعة لحد الركبة وبيضعوا على رأسهم طواقي، وكانوا بيستخدموا أقلام مصنوعة من ريش الفراخ والطيور وبيحطوها وراء آذانهم، ولو دققت شوية فطائر الكاتب ذو الأرجل الطويلة المغطاه بالريش لحد الركبة تقريبًا هتلاقيه بيشترك بشكل كبير مع الكاتب الإنجليزي في هيئته؛ هتلاقي إنه بيمتلك ريش طويل لونه غامق فوق رأسه يشبه طاقية الكاتب، وعنده ريش طويل في ديله وجناح رمادى طويل بيشبهوا المعطف؛ والأهم هو الريش الأسود اللي بيغطي رجله لحد منتصف الساق زي البنطلون القصير بتاع الكاتب، ولو شوفت مثلًا صورة فيها طائر الكاتب جنب صورة كاتب إنجليزي هيكون من الممتع جدًا إنك تقارن بينهم وتكتشف بنفسك وجه الشبه.
الصياد المخضرم طائر النينجا
يستخدم طائر الكاتب طريقتين مختلفتين للصيد، الطريقة الأولى هي إنه يصطاد الفريسة عن طريق مطاردتها وضربها بمنقاره، والطريقة التانية هي إنه يدوس على الفريسة ويركلها بركلات متتالية وسريعة جدًا بيتميز بيها طائر الكاتب، ومسببة له صيت كبير جدًا، وبعد ما تموت الفريسة تمامًا أو تصاب بحالة من البَلادة من شدة التعب بيرفعها من الأرض بمنقاره ويرميها في الهوا ويبتلعها كاملة، وهي نفس الاستراتيجية اللي علماء الحفريات بيقولوا إن الديناصورات كانت بنستخدمها من ملايين السنين، ودا اللي خلى العلماء شبّهوا طائر الكاتب بالديناصور.
ومن الوجبات الأساسية اللي بيفضل طائر الكاتب إنه ياكلها هي التعابين، وغالبًا ما بتكون التعابين كائنات سامة جدًا، وبتستخدم سمها دا للدفاع عن نفسها؛ لكن في حالة هجوم طائر الكاتب عليها؛ فلا مفر، ودا لإن الطائر دا بيمتلك ريش سميك جدًا ومجوف يحميه من لدغة التعبان اللي بتصيب الريش اللي أصلًا مش بيسبب أي ألم للطائر، ولا حتى بيوصل له السم وبتبوء محاولة التعبان في الدفاع عن نفسه في مواجهة طائر الكاتب دايمًا بالفشل.
موسِم التزاوج
أما بقى بالنسبة لحياة طائر الكاتب فتزاوجه ومغازلته للأنثى تتم في أي وقت ما بين شهري مارس ويونيو، وبيحاول الذكر في الوقت دا جذب انتباه الأنثى بإنه يقوم بعرض جماله وجمال ريشه بإنه يفرد أجنحته ويرقص بيها ويقفز في الهواء ويأدي عروض مذهلة، ولو نجح الذكر في جذب انتباه الأنثى بيتزاوجوا وبيَعملوا مع بعض عش كبير جدًا يصل طوله لـ 2.5 متر، وبيبنوا العش دا من الأغصان والعصى وفراء الحيوانات والأوراق والأعشاب، وممكن يستمر بناء الطائرين لعشهم لحوالي 6 شهور، والسبب في المدة الطويلة دي هو إنهم بيبنوا العش بحرص شديد وبإتقان عشان يعيشوا فيه لسنين كتير ومش مجرد عش تبيض فيه الأنثى، وبعد الانتهاء من بناء العش المحكم، تضع الأنثى من بيضة لـ 3 بيضات كل يومين لـ 3 أيام، وبتقوم بعدها الأنثى بمعظم مهام الحضانة تقريبًا لحد ما يفقس البيض بالترتيب.
الحياة الأسرية
في الأسابيع القليلة الأولى من بعد ما يفقس بيض طائر الكاتب بيكون أحد الوالدين دايمًا متواجد في العش مع الصغار وبيأكلهم ويغذيهم، وفي غضون 9 أسابيع بيبدأ الآباء يعلموا أبنائهم الطير والسقوط من العش والرفرفة، وبعد تعليم الصغار الطيران، وبعدها يدخل الآباء في مرحلة تانية وهي تعليم الصيد والركل بالقدم واللي هي السمة الأساسية في طائر الكاتب، وبعد فترة قليلة بيتعلم الأبناء بصورة سريعة، ويبدأوا في رحلات صيدهم بنفسهم.
وهتلاحظ لو تابعت حياة طائر الكاتب هو إنه صامت تمامًا ومالوش أي صوت، لكن لو لزم الأمر في وقت زي التزاوج أو الألم أو الدفاع عن العش مثلًا هيصدر الطائر صوت أنين طفيف جدًا يكاد مايتسمعش أساسًا، وده على عكس الطيور الجارحة التانية اللي غالبًا بيكون صوتها عالي جدًا ومزعج ومخيف.
حديقة الحيوان سان دييغو
في عام 1971م مَوّل مجلس مقاطعة سان دييغو حديقة حيوان “سان دييغو سفاري – San Diego Zoo Safari Park” لشراء زوج من طيور الكاتب، ومن وقتها بدأ ينتشر الكاتب في حدائق الحيوان، وماقتصرش وجوده على المراعي، ووصل عدد طائر الكاتب في حديقة حيوان سان دييغو سفاري دلوقتي أكتر من 12 طائر، وبتشارك الطيور دي في العروض في الحديقة للزوار، وتقدر تشوفهم دلوقتي كزائر وهما بيأدّوا رقصاتهم، وبيمارسوا سلوكهم الطبيعي.
الحماية من التهديد
على الرغم من إن طائر الكاتب يعتبر من الطيور اللي متواجدة في نطاق واسع، وعلى الرغم من إنه محمي في كتير من البلدان الأفريقية إلا إنه حياته تعتبر مهددة بسبب فقد موائله، وفي محاولة من المسؤولين إنهم يكثّفوا الحماية للطائر عُقدت اتفاقية في عام 1968م تم فيها حماية جميع أنواع طائر الكاتب، وعلى الرغم من الجهود دي إلا إن الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة “IUCN” أدرجه من الطيور المهددة بالانقراض في عام 2016؛ وبالرغم من انتشاره على مدى واسع، بس هنلاقي إن الأنواع موزعة بشكل ضعيف على المواطن، يعني أيوة هو موجود في أماكن كتير، بس موجود بأعداد قليلة.
شعبيته بين الأفارقة
من ضمن الجهات المسؤولة على حماية طائر الكاتِب هما الأفارقة نفسهم، ودا لإن الطائر دا ليه شعبية كبيرة جدًا بين الشعوب الأفريقية، ودايمًا بيحظى بإعجابهم بسبب مظهره المُلفِت اللي بيذهل أي حد يشوفه، وزي ما أبو قردان صديق الفلاح؛ فطائر الكاتب صديق الأفارقة؛ ودا لإنه بيخلصهم من الآفات والتعابين اللي ممكن تأذيهم وتأذي مزارعهم، وللأسباب دي مستحيل تلاقي أفريقي بيضايق طائر الكاتب نهائيًا.
واستخدمه شعب الـ “Maasai” الأفريقي في الطب الشعبي التقليدي؛ فـ استنشقوا رماد ريش الكاتب بعد حرقه لعلاج الصرع، وأكلوا بيضه مرتين يوميًا لعلاج الصداع، وحتى استخدموه في علاج المواشي، وشعبية طائر الكاتب ماكانتش على مستوى الدول الأفريقية وبس؛ لكن تم اكتشاف صورته على مقبض سكين مصنوع من العاج تم استيراده من مصر من حوالي سنة 3200 قبل الميلاد، في أشارة إن طائر الكاتب على الأرجح كان ليه شعبية كبيرة على طول النيل لحد مصر.