أكيد كنت ماشي في عِز الشتاء وصوابع رجلك متلجة، ويقوم صباعك الصغير راشق في سِن الكومودينو، وبعدها الزمن والنفَس والدنيا كلها تقف لمدة كام ثانية كدا وتحس إنك خلاص هتموت من الألم وقتها حرفيًّا بتتمنى إنه ياريتك ما كنت بتحس بالألم من الأساس، لكن ياترى إيه اللي كان هيحصل فعلًا لو فقدت الإحساس بالألم؟
إيه هو الألم وليه بنحس بيه؟
قد يكون صعب تعريف الألم بشكل دقيق؛ إلا إننا ممكن نتفق مبدأيًّا إن الألم عبارة عن شعور مش مريح بالوَخز أو الحرقان أو أي نوع من أنواع الأوجاع، ودي طريقة الجسم بيقوم بيها عن طريق المُستقبلات الحسية الموجودة في جميع أنحاء جسمنا من الجلد للنخاع الشوكي، والهدف منها هو تنبيه المخ لإن فيه حاجة مش مظبوطة أو فيها خلل، وإنه لازم يتصرف فورًا قبل ما الحالة تسوء، وبالرغم من إننا بنجري على مسكنات الألم من غير ما نفكر نحل المشكلة الأساسية، وأحيانًا بنتمنى لو ما كناش نحس بالألم أبدًا، إلا إن الإحساس بالألم نعمة مش هيدركها إلا الشخص اللي فاقدها، دلوقتي هتقول لي هو فيه حد ما بيحسش بالألم يا عم أنت؟
اللاشعور الخُلقي بالألم (CIP)
في سنة 1932م، بلغ طبيب في نيويورك لأول مرة عن حالة لشخص بالغ من العمر 54 سنة بيدعي إنه ما يعرفش شعور الألم وعمره ما حس بيه قبل كدا حتى لما اتخبط ببلطة خراطة، والأكيد إنه شاف دم فعرف إنه في خطر، لكنه ما حسش بأي حاجة خالص، ودي ما كانتش الحالة الوحيدة؛ لإن بعد كدا توالت حالات بنفس الوصف، واتعرفت الأعراض دي بإسم CIP أو اللاشعور الخُلقي بالألم، والعلماء اعتبروها مؤشر كويس عشان يدرسوا الحالات دي ويستفيدوا منها في تطوير مسكنات الألم، إلا إنهم في الحقيقة وجدوا صعوبة في دراسة الناس دي؛ لإن وجودهم نادر جدًا، والندرة دي مش بس بسبب إن الشعور بالألم ضرورة ربنا -سبحانه وتعالى- وضعها فينا ومن النادر عدم وجودها، لكن كمان عشان الأشخاص المصابين بالـCIP غالبًا ما بيموتوا قبل العشرينات.