الفيزيائى ألبرت أينشتاين دائمًا يُضرب به المثل في الذكاء، بل إننا في حوارتنا اليومية عندما نجد شخص شاطر في مجال نقوم بتشيهه بـ أينشتاين، لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو، ليه حصل مع ألبرت أينشتاين بالتحديد دونًا عن أي عالم آخر، وهل أينشتاين هو أذكى شخص في العالم أم يوجد أشخاص آخرين أذكى منه.
داخل عقل أينشتاين
لو رأينا ما بداخل دماغ ألبرت أينشتاين هنشوف إيه، السؤال بالرغم من كونه غريب جدًا، إلا إنه له إجابة بالفعل؛ أينشتاين كان دايمًا يوصي إن جثته تتحرق بالكامل بعد ما يموت، لكن الطبيب وأخصائي علم الأمراض “توماس هارفيThomas Stoltz Harvey”، معتقد إن دماغ أينشتاين يحمل المُفتاح أو السبب الحقيقي وراء عبقريته، ولذلك السبب أثناء معاينة الجثة، سرق مخ أينشتاين خِلسة بدون ما أي حد يعرف؛ ووضع المخ في وعاء من الفورمالين، وأخذ له صوره بالأشعة السينية، وبدأ يُجري عليه فحوصات وأبحاث في السر، وبعد عشرات السنين بدأ يعلن عن ما فعله، وبدأ علماء وباحثين آخرين بالمشاركة أيضًا في دراسة مخ ألبرت أينشتاين.
وما تم اكتشافه هو إن وزن مُخ أينشتاين كان حوالي 1230 جرام، وهو أقل قليلاً من المعدل الطبيعي لوزن مخ الإنسان، ولاحظوا إن بعض الأجزاء في الدماغ كانت أكثر سمكًا من الطبيعي، وتوقعوا أيضًا إن نصفي المخ الأيمن والشمال عند أينشتاين كانوا متصلين ببعض بشكل قوي؛ وبالتالي ممكن يكون مُحفز في زيادة الإبداع أو الذكاء عنده بشكل أو بأخر، لكن في النهاية تركيب الدماغ وحجمه ليس سبب كافي يجعل أينشتاين شخص عبقري، وبالفعل إحصائيًا ألبرت أينشتاين ليس أذكى شخص في العالم، والصدمة إنه حتى ليس ضمن قائمة أذكى 10 أشخاص في العالم، ولا حتى أذكى 100 شخص، ولا حتى ضمن أذكى 1000 شخص، وفي الآلاف الأشخاص أذكى من ألبرت أينشتاين.
مُعدل ذكاء أينشتاين
خِدعة معدل الذكاء
وبخصوص مُعدل الذكاء أو الـ IQ هو وعلى غير المتوقع هو ليس بدليل كافٍ إطلاقًا في الحكم على مُعدل ذكاء الشخص، وخلينا نوضح إزاي اختبارات معدلات الذكاء المعتمدة مثل مقياس “ستانفورد بينيه للذكاء Stanford–Binet Intelligence Scales”، ومقياس “ديفيد واكسلر Wechsler Adult Intelligence Scale”، تلك الإختبارات توضح مَدى ذكاء الإنسان ولكن من زوايا معينة، ولا تستعرض كل قدراته الذهنية، وإختبارات الذكاء في العادة تكون معتمدة بشكل كبير على الانتباه والتمييز بين الأشياء، وأيضًا على الذاكرة مثل القدرة على حفظ الأرقام، وتكملة الجُمل والكلمات، ومعظم الأسئلة يكون عامل السرعة فيها شئ مهم جدًا لحلها، وإذا لم يكن الشخص سريع بما فيه الكفاية في أنه يختار الإجابات فهو يقلل من معدل ذكائه في الإختبار، وكل تلك الأسباب تجعل إختبارات الذكاء ناقصة وغير كافية إطلاقًا في الحكم على معدل ذكاء الشخص بشكل عام، أينعم سرعة البديهة شئ مهم في الحكم على ذكاء الإنسان، لكنها تظل جزء مينفعش تبقى هي القاعدة الأساسية، كأن شخص يكون شاطر ومذاكرة لكنه بطيء في الكتابة؛ ولا يجعلنا ذلك قادرين بالحكم عليه بإنه مش مذاكر، غير إن في أنواع مختلفة من الذكاء؛ يوجد أشخاص مثلاً لديها معدل عالي في الذكاء اللغوي واللفظي، وأشخاص لديهم مهارة عالية جدًا في القراءة والكتابة ووصف الأشياء، وأشخاص آخرين لديهم ذكاء في الرياضيات والقدرة على حل العمليات الحسابية وحل الألغاز وتركيب وفك الأشياء، وآخرين لديهم ذكاء تصوري ومكاني يستطيعون من خلاله التعامل مع الصور والألوان والرسومات بطريقة مختلفة عن غيرهم، كلها أنواع من الذكاء ولا نستطيع غض الطرف عنها.
ما الهدف؟
الثقوب السوداء من عقل أينشتاين إلى أرض الواقع!
المعاصرين لأينشتاين كانوا دائمًا يصفونه بالشخص الذي جمع بين العلم والفلسفة، وذلك بسبب تصوراته العلمية الغريبة التي يتحدث بها طوال الوقت، وفي عام 1915 نشر أينشتاين نظرية النسبية العامة التي تتحدث عن الجاذبية، وعدّل على قانون الجذب العام لنيوتن التي كان مُسلم بها بشكل مطلق لحوالي قرنين ونص من الزمن، وأثار جدل كبير عند وصفه الزمان والمكان بأنهم نسيج واحد، ووضع معادلات وعلاقات دقيقة جدًا تتنبأ بمدارات الكواكب حول الشمس، كل الناس وقتها كانت تشكك فيما يقوله، لكن حتى حلول عام 1919 استطاع عالمين الفلك الإنجليز “فرانك دايسون Frank Dyson”، و”آرثر إدينغتون Arthur Eddington” بتطبيق المعادلات والقياسات خاصته خلال كسوف الشمس في ذلك العام، والمفاجأة كانت إن كل ما تحدث به أينشتاين صحيح، وبعدما أعاد أينشتاين صياغة مفهوم الجاذبية وربط الزمان بالمكان، تحدث في أوراقه البحثية عن ما يُسمى بـ”الموجات الثقالية”، وتوقع أيضًا وجود ما يُسمى بـ”الثقوب السوداء”، وكان لا يستطيع أحد آنذاك لديه فكرة عن ما يتحدث عنه، وليس لديهم القدرة على استيعاب ما يسميه ويذكره في نظرياته، لكن لم يكن هناك في وقتها الأجهزة أو آليات الرصد التي تستطيع التأكد من صحة كلامه، وقتها عِلم الفلك الراديوي كان متواضع جدًا، لكن المُدهش إنه بعد حوالي 100 سنة تحققت نبؤات أينشتاين.
في عام 2016 أعلن مرصد “ليجو LIGO”، الموجود في الولايات المتحدة الأمريكية، إنهم رصدوا الموجات الثقالية وبرهنوا فعلاً على وجودها، والقائمين على الإكتشاف حصلوا على جائزة نوبل في الفيزياء، وهم “راينر فايسRainer Weiss”، و”باري باريش Barry Barish”، وفي عام 2019 رأينا جميعًا تصوير الثقب الأسود للمرة الأولى وهو ما أحدث ضجة في كل الأوساط العلمية؛ بسبب إن الصورة الملتقطة له تتشابه تمامًا مع تصورات ألبرت أينشتاين.
ولذلك يعتبر من أهم أسباب شهرة أينشتاين هو إن الاستنتاجات والمعادلات الخاصة به مازالت تثبت لنا مع مرور الوقت بأنها جديرة بالثقة، وبالفعل بُني على تلك النظريات علم الفيزياء الحديثة بالكامل، وظهرت تطبيقات كثيرة أفادت البشرية مثل أنظمة تحديد المواقع العالمية الـ GPS الذي نستخدمه في أجهزتنا المحمولة، وهي تعتبر تكنولوجيا تعتمد على معادلات نظرية النسبية بشكل مباشر، وفوق كل ذلك أينشتاين في الأساس كان ملائم جدًا للشهرة ابتداءًا من هيئته وملابسه وشعره العجيب، مرورًا بـ إقتباساته وطريقته في الكلام، وحتى خِفة ظله وابتسامته الغريبة، كلها عوامل جعلت ألبرت أينشتاين هو العالم العبقري المحبوب، والأكثر شهرة على مر التاريخ، وجعلت إسمه مقرون دائمًا بالعبقرية والإبداع.