صعب نتخيل حياتنا دلوقتي من غير معظم التكنولوجيا اللي بنستعملها، يعني لو قولتلك تخيل شكل العالم من غير الموبايلات، أو الإنترنت، أو حتى الكهرباء، هتلاقي بيترسم في دماغك سيناريو مخيف، والغريب بقى في موضوع السيناريوهات الخاص بالتكنولوجيا ده، إن مفيش حد قبل كده فكر في التلاجة.
تخزين الأكل في الحضارة المصرية القديمة
تخزين الأكل في بعض الحضارات القديمة
بعيدًا بقى عن الحضارة المصرية، فيه حضارات تانية كانت بتعتمد على نفس الطرق زي الحضارة الرومانية مثلًا، ولأن الحضارة الرومانية كانوا متقدمين في مجال الهندسة بشكل كبير، المهندسين هناك قدروا يتوصلوا لطرق كتيرة لتخزين الأكل والشرب، ومن أشهر الطرق دي هي التخزين في أواني، ومن أنواع الأواني دي الـ Barrels، Amphorae، Clay pots، بس الفكرة مكنتش معتمدة على الأواني نفسها على قد الأماكن اللي هتتخزن فيها، يعني بعد ما يحطوا الأكل في الإناء المناسب، كان الإناء نفسه بيتخزن تحت الأرض، أو في حفر في الصحراء، وساعات كان بيتخزن تحت المياه، وموضوع الحفر والتخزين في الأرض ده كان منتشر في أماكن كتيرة في العالم.
ومع تقدم الوقت، الملوك بدأوا يهتموا بالأبنية الخاصة بالتخزين، فبدأ تظهر أماكن متخصصة زي الصور كده، لكن ومع كل الطرق دي، عملية حفظ الأكل فضلت عملية صعبة، والدول اللي الحرارة فيها عالية كان كتير من أكلهم بيفسد.
التلج
في الوقت اللي العالم فيه كان بيحاول يوصل فيه لحل لموضوع حفظ الطعام، ظهر بطل للنور وهو اللي أنقذ البشرية في موضوع حفظ الأكل والشرب، البطل ده هو التلج، والتلج كان هو الطريقة الأساسية لحفظ الأكل في أماكن زي الصين، والهند، وروما القديمة، ومع الوقت بقى هو الوسيلة الأساسية في لحفظ الأكل في العالم كله، التلج كان متوفر في أماكن كتيرة على سطح الأرض، وطبعًا أنت مش هتقعد تتعب نفسك وتجفف وتملح لما ممكن تاخد الأكل وتحط عليه شوية تلج وخلاص، لكن تواجد التلج في المرحلة دي في البيوت العادية كان مقتصر على طبقات الأغنياء والنبلاء فقط، ومع الاهتمام المتزايد بالتلج، بدأ يظهر عندنا الـ Ice House، أو بيوت التلج.
ياخشال
أول وأهم بيت تلج مُسجل في التاريخ هو الياخشال “Yakhchal”، وده بناء فارسي أتعمل سنة 400 قبل الميلاد علشان يتخزن فيه التلج، كلمة ياخشال بتنقسم لمقطعين، المقطع الأول هو ياخ وده معناه الجليد، والمقطع التاني هو شال وده معناه الحافظ، وحافظ الجليد ده كان بيتميز بشكله المخروطي، الشكل ده كان بيساعد في حفظ التلج عن طريق حاجتين، أول حاجة إن المساحة الكبيرة اللي في قاع الياخشال كانت بتساعد في إنه يتحط كمية كبيرة من التلج، والتلج جوا كان حوالين بعض بيسقع بعضه، ويحافظ على بعضه.
تاني حاجة بقى هي إن الرياح الساخنة بتطفو فوق الرياح الباردة، وبالتالي أي حرارة زيادة بتفضل تطلع لفوق، والشكل المخروطي ده كان في نهايته فاتحة بتطلع الهواء السخن ده لبره، وبالتالي التلج كان بيقعد وقت طويل جدًا في المخازن دي.
بداية تجارة التلج
مع الوقت مخازن التلج بدأت تتطور، وبدأنا نشوف أشكال كتيرة مختلفة عن الشكل المخروطي بتاع الياخشال، وكمان طرق تهوية مختلفة، فيه اللي كان بيعمل بيت التلج تحت الأرض، وفيه اللي كان بيعمله فوق الأرض، وفيه اللي كانوا بيشلوه في حفر، أو حتى في الكهوف، ومن العوامل المهمة اللي ساعدت في عملية تخزين التلج هي اكتشاف القدرة الكبيرة لنشارة الخشب في الحفاظ على التلج وتقليل الحرارة اللي بيفقدها؛ علشان كدة بدأنا نشوف التلج بيتحط في نشارة الخشب مباشرةً، أو غير إن النشارة بدأت تدخل في تصنيع الجدران بتاعة بيوت التلج، في الوقت ده العالم كله كان ماشي بطريقة معينة لحفظ الأكل وتخزينه، لحد ما وصلنا لسنة 1806.
ووقتها “فريدريك تيودور” قرر قرار غريب جدًا، فريدريك بيبص حوليه في “نيو إنجلاند” ولقى إنها مليانة تلج، البحيرات هناك بتكون تلج بشكل مكثف، وبكميات مهولة، وكله تلج نقي وممكن نستعمله مباشرةً، طب طالما فيه هنا تلج كتير، وفيه دول تانية لسه معتمدة على طرق حفظ بدائية، ليه منديش لهم التلج اللي هنا؟.
وفعلًا الفكرة اتحولت لواقع، وفريدريك جمع عمال وبدأوا يقطعوا التلج بكميات ضخمة، وكمان أستغل فكرة بيوت التلج، وبدأ يبنيها جنب الأماكن اللي بيقطع فيها التلج ويخزنه فيها، بعدين بيحط التلج ده على سفن وينقله لبلاد وجزر مختلفة، الأول كان بينقله لأماكن قريبة زي البحر الكاريبي وجنوب أمريكا، لكن مع الوقت بقت تجارة فريدريك تجارة عالمية، وبقت فيه دول بعيدة عنه معتمدة عليه بشكل رئيسي، وبالرغم من إن كمية كبيرة من التلج بتسيح قبل ما توصل السفن لمكانه، إلا إنه كان مع ذلك إنجاز إنه يوصل التلج لأماكن بعيده كده، ومع الوقت كبرت الصناعة وبدأ العالم يشهد تجارة التلج بشكل موسع، والتلج اللي مكنش متوفر غير عند طبقة النبلاء وبس بدأ يبقى موجود في كل بيت، وهنا ظهر عندنا الـ Ice Box، أو صندوق التلج.
صندوق التلج
بعد ما التلج بقى سهل يوصل لكل بيت بشكل يومي، بدأت تظهر أختراعات علشان التلج ده يتحط فيها؛ فبدأ يظهر صناديق صغيرة بيتحط فيها التلج مع المشروبات، ولما تحب تشرب حاجة سقعة بتفتح الصندوق وتاخد منه، وكمان بدأ يظهر صندوق الأكل اللي بيتخزن فيه الأكل واللي كان قريب بشكل كبير للتلاجات اللي موجودة دلوقتي.
التلاجة
مع تطور استعمال التلج واستغلاله، كان فيه علماء تانية شغالين على اختراع تاني بعيدًا عن كل ده، الاختراع ده هو التلاجة، وكان الهدف من الصندوق ده هو حفظ الأكل بشكل مباشر، ولكن مش محتاج يتحط فيه تلج، وبدأ يظهر أول شكل بدائي للتلاجة سنة 1841 على يد العالم الأمريكي من أصل هولندي “جون جوري John Gorrie”، التلاجة وقتها كانت بتتكون من أجزاء كتير وكانت واخدة شكل مختلف عن اللي نعرفه دلوقتي، ومع الوقت التلاجات بدأت تاخد أشكال مختلفة، لحد ما وصلنا للتلاجات في المصانع، التلاجات وقتها كانت ضخمة جدًا، كانت التلاجة الواحدة أكبر من حجم البيوت دلوقتي، وعلى الرغم من إن ده مكنش عملي في البيوت، إلا إنه بدأ يغير شكل الصناعات الغذائية بشكل جذري.