بترجع أقدم وثيقة تاريخية على شكل رسالة بريدية تم العثور عليها لسنة 2000 قبل الميلاد، وأستمر التطوير فى المراسلات البريدية واللى شهدت كتير من التنظيم مع بداية نشأة الإمبراطورية الرومانية، لكن فى الوقت ده عادةً ما كانت المراسلات الورقية أو العينية بتقتصر بس على الولاة والحكام والملوك، أما المواطنين العاديين فمكانش عندهم أى إستفادة من النوع ده من الخدمات، وأستمر الوضع على كده مئات السنين لحد ما بدأ تنظيم الأمر حكومياً، واللى بدأ تقريباً مع ظهور أول خط سكة حديد، وأندفع الناس للإستفادة من الخدمة الجديدة بطريقة مجنونة، ومع نمو أعداد مكاتب البريد وزيادة ثقة الناس تنوعت الخدمات، فبجانب المراسلات الورقية المعتادة تم اقرار الحوالات والشيكات وبنوك الإدخار وحتى الطرود، والطرود دى بقى أدت لمراسلات غريبة فاقت كل تصور.
القضاء على العبودية بالبريد
النضال السياسى باستخدام البريد
المناضلتين البريطانيتين الآنسة سولومون والآنسة ماكلالين، وصلوا لفكرة استخدام البريد فى الحصول على بعض الحقوق السياسية للنساء، فمع المحاولات الأعتيادية غير المثمرة عن طريق اللافتات والتظاهرات فى الشوارع، أدركت سولومون وماكلالين ان مقابلة رئيس الوزراء البريطانى هربرت أسكويث هي الحل الأمثل لعرض المطالب، ومع العجز فى ترتيب ميعاد مع رئيس الحكومة بجميع الطرق الطبيعية، فكرت سولومون وماكلالين فى استخدام البريد لتنفيذ الفكرة، وبالفعل راحت المناضلتين فى يوم 23 فبراير سنة 1909 لمكتب البريد وطلبوا ارسال نفسهم لمكتب رئيس الوزراء، ومكانش أمام مصلحة البريد أي وسيلة لرفض طلبهم باعتبار إن مفيش أى قانون يمنع من تنفيذ الخطوة دى، وكل اللى بينص عليه القانون هو أستيفاء المصاريف الإدارية، وبالفعل تم انتداب السيد بالمر Palmer واللى بيعمل كساعى بريد فى المصلحة للقيام بالمهمة، واصطحب السيد بالمر الآنستين وتوجه معاهم لمكتب رئيس الوزراء، لكن قدر المكتب انه يتملص من استلام البريد المرسل بحجة انه برضه مفيش قانون بيلزم الأفراد باستلام البريد، ورغم عدم تمكن المناضلتين من مقابلة رئيس الوزراء، إلا إن قصتهم تناقلتها الصحف والناس وزادت شهرتهم، وهو الأمر اللى أدى فى النهاية لحصول المرأة البريطانية على حقوقها السياسية بصورة كاملة ومنها حق الاقتراع فى سنة 1918.
إرسال الأطفال بالبريد
فى الحقيقة إرسال الناس عن طريق البريد لم يقتصر فقط على حد بيعاني من العبودية أو سيدات عندهم مشاكل سياسية صعبة، إنما وصل الأمر بالبعض لإستخدام البريد فى ارسال الأطفال للقيام بزيارات ودية، فى يوم 19 فبراير من سنة 1914، قرر السيد بيرستورف وزوجته المقيمين بمدينة جرين چفيل Grangeville بولاية أيداهو الأمريكية، أستخدام البريد لشحن طفلتهم الصغيرة شارليت صاحبة الأربع سنوات فى زيارة لجدتها بمدينة لويستون Lewiston بنفس الولاية، وده كان القرار اللى أتخذته الأسرة بعد ما أكتشفت إن المبلغ المطلوب لشحن الطفلة لا يتجاوز ال 15 سنت، وهى قيمة الدمغة المطلوبة، واللى طبعا كانت أرخص كتير من سعر تذكرة القطار، وخاصةً إن القطار كان هيحتاج لمرافق مع الطفلة للوصول للمدينة التانية، بينما كانت مصلحة البريد بتوفر عملية النقل دى مع المرافق المجانى اللى هو ساعى البريد، ومع وصول الاسرة لمكتب البريد أندهش مدير المكتب من طلب الأبوين، لكنه كالعادة مكانش بيملك أى طريقة قانونية للرفض، وكل اللى قدر يعمله انه يرفع مبلغ التأمين للحد الاقصى اللى كان بيبلغ 50 دولار، واللى اصلا كان بيتم استرداده بعد وصول الشحنة، لكن كمان قرر الراجل انه يقوم بنفسه بمهمة ساعى البريد وايصال الطفلة لجدتها، وبمجرد نجاحه فى مهمته بدأ التحرك القانونى لإلغاء خدمة ايصال البشر وخاصة الأطفال، وبالفعل أثمرت مجهوداته، وكانت الطفلة شارليت ماى بييرستورف هى آخر الشحنات الأدمية المرسلة بالبريد، واللى بعدها أصبحت ممارسة شحن البشر عبر بريد الطرود غير قانونية.
شحن مبنى كامل بالبريد
أغلى شئ تم إرساله بالبريد على الإطلاق
كل ده جميل وكل حاجة، بس المدهش بقى في الموضوع إن وينستون أختار طريقة الطرود البريدية لإرسال الماسة النادرة للمتحف، وهو الأمر اللى كلفه دولارين و44 سنت فقط مع إضافة مبلغ تأمين قدره 142 دولار، ومع وصول ساعى البريد السيد جيمس تود James Todd لمؤسسة Smithsonian، أتضحت الخطة المتهورة لوينستون بعد ما قام جيمس تود بتسليم التحفة النادرة لرئيس المتحف وسط حضور إعلامى ضخم، وهو الحضور اللي تمت دعوته من غير إعلامه بأى تفاصيل، وأعتقد الجميع وصول موكب مهول بتحيط بيه قوات الجيش لحماية المفاجأة المعلن عنها، لكن أمام الزوار وصل ساعى البريد البسيط وأخرج علبة خشبية أبسط، عشان يخرج منها أغلى حجر كريم فى تاريخ المتحف، وأغلى حاجة تم إرسالها بالبريد على الإطلاق.