الواحد فينا ممكن يعمل أي حاجة في سبيل الدفاع عن أهله وأحبابه، لكن لأي درجة ممكن توصل التضحية؟، في عالم الحيوان فيه نماذج بيوصل بيها مستوى التضحية لدرجة تدمير نفسها بالمعنى الحرفي بل وبأبشع الطرق اللي ممكن تتخيلها.
1- الفئران البنية الجرابية brown antechinus
الفئران البنية الجرابية هي في الحقيقة مش فئران ولا حاجة، ولكنها من الجرابيات من جنس “أنتيكانيس Antechinus”، يعني أقرب لحيوانات زي الكنغر والكوالا كده وده على الرغم إن الإناث ماعندهمش جراب زي الموجود عند معظم أجناس العائلة، لكن تمت تسميتهم بالفئران البنية الجرابية؛ لأنهم لونهم بني وبيشبهو الفئران، النوعية دِه من الحيوانات عمرها قصير جدًا لدرجة إنه مش بيتعدى السنتين للإناث ولا يتجاوز سنة واحدة للذكور؛ ولأن عمرهم قصير فحياتهم متمركزة بشكل أساسي على التناسل لضمان استمرار جنسهم، فتلاقي إن الفرد فيهم بيوصل لمرحلة البلوغ الجنسي بعد 6 شهور بس من عمره، وخلال الخمس الشهور التانيين بيكتسب وزن غير طبيعي من حميته الغذائية المعتمدة في الأساس على الحشرات، لكن الوزن اللي اكتسبه ده سرعان ما يتلاشى بفعل استنزافه في عمليات التناسل؛ فالنوعية دِه من ذكور الجرابيات بتاخد من أسبوع لـ 3 مش بيعملوا حاجة ولا بيفكروا في حاجة باستثناء الصراع على الإناث في عملية معروفة بإسم التناسل الانتحاري؛ وده لأن الذكر بيموت حرفيًا، والسبب العلمي ورا الظاهرة دِه راجع لإفراز الذكور لهرمون “الكورتيزول cortisol”، وهو هرمون مهم ونافع بجرعات صغيرة لكنه بيتحول لسام إذا زاد عن حده، لكن مع زيادة رغبتهم في الحصول على الإناث خلال الفترة دِه ومعاها ارتفاع هرمون التستوستيرون في الدم بيزيد إفراز الكورتيزول لحد وصوله لمرحلة السُمية على الذكور، ومن هنا بيضعف الجهاز المناعي وغيرها من الأجهزة في الجسم وبيفقد أي رغبة في الأكل ومع وصوله للسنة الأولى من عمره بيقع من طوله ويموت، وده معناه إن النوعية دِه فقدت أعداد مهولة من تعدادها وأصبحت مهددة بالإنقراض، لكن وعلى الجانب الأخر الإناث بتبقى في مرحلة الوضع وبتلد في المرة الواحدة ما يصل لـ 14 صغير، وبعد 6 شهور بس من عمرهم بيتحولوا لبالغين ويعيدوا الدورة مرة تانية.
2- العنكبوت الاجتماعي الافريقي
3- النمل المتفجر
في جنوب شرق آسيا بين أرجاء الغابات المطيرة على جزيرة بورنيو Borneo، بيعيش نوع من النمل مغري جدًا لأي حيوان مفترس لحد ما يقرب منه، النمل ده لا عنده فك كبير ولا عنده قدرة على اللسع ولا أي وسيلة دفاعية ظاهرة، لكن لحظة شعوره بالتهديد أو الخطر على أفراد مستعمرته بيتحول الكائن المغري للحيوانات المفترسة لقنبلة متفجرة؛ النمل المعروف بإسم “كولوبوبسيس اكسبلودينز Colobopsis explodens” هو من النمل العامل وسط المستعمرة ومكرث حياته للدفاع عنها فقط لا غير، يعني لا بيتكاثر ولا بيشغل باله بحاجة إلا حماية أفراد مستعمرته وبس، النوعية دِه من النمل الإنتحاري بتحتوي أجسادها على غدد موصولة بأكياس ضخمة مقارنة بحجم جسمها، والأكياس ده ممتلئة على آخرها بمادة سامة، ومع شعورها بالتهديد أو الخطر على مستعمرتها من نوع تاني مثلاً من النمل تبدأ في الأول برفع الجزء الخلفي من جسمها كنوع من أنواع التحذير، ولو العدو ما تراجعش بيتجمع النمل العامل ده مع بعضه ويعضوا في أرجل أعدائهم بهدف التشبث بيهم وبعدها يتقلبوا على ضهرهم وتتقلص عضلاتهم بشدة لحد ما بطونهم تتشق وتنفجر الأكياس وتنطلق المادة السامة في وجه أعدائهم، يعني ببساطة كده بيضحوا بحياتهم وبيفجروا نفسهم حرفيًا في سبيل حماية باقي أفراد المستعمرة.
4- نحل العسل
تضحية تانية من أجل الصالح العام على غرار النمل المتفجر بنلاقيها في نحل العسل، النوعية دِه من النحل جزء من مهامه هو الدفاع عن الخلية وهي العملية اللي بتتطلب التضحية بالنفس وإنذار باقي أقرانه في نفس الوقت، بمجرد ما النحلة بتلسع الدخيل أو المخلوق اللي حست بخطر منه على الخلية فده معناه إن حياتها على وشك النهاية، البنية الخاصة بلاسع النحلة أشبه بالإبرة لكنها مشرشرة.
والشكل ده بيخليها بمجرد ما تدخل في أي جسم بهدف اللسع ما بيبقاش فيه فرصة إنها تعرف تسحبه مرة تانية بدون ما تأذي نفسها، فلما بتسحب نفسها جامد بيفضل اللاسع في مكانه ومعاه جزء من جهازها الهضمي وجزء من العضلات والأعصاب المرتبط بجهاز اللدغة، وبعد دقائق معدودة بتفقد النحلة حياتها، طيب إزاي بقى بتنبه زمايلها من النحل العامل في المنطقة؟، الجزء اللي بينفصل عنها بعد اللسعة ومحاولة تخليص نفسها بيفضل معاه كيس من السم والعضلات والأعصاب بتخليه يستمر في إفراز السم بالهدف مكان اللسعة، ونفس الجهاز المسئول عن اللسعة مرتبط بيه غدة بتنتج ما يعرف بفرمون التحذير أو فرمون الإنذار واللي مع إنطلاقه مع ضخ السم بتوصل إشارة للنحل في المنطقة عن موقع الخطر.
5- أسماك أبو الشص
في بداية دراستهم لأسماك أبو الشص العلماء خدوا بالهم من حاجة عجيبة في العينات اللي حصلوا عليها، إن كلها بلا استثناء تقريبًا كان فيه شكل من أشكال الطفيليات مرتبط بيها، والمفاجأة إن الطفيليات دِه إتضح فيما بعد إنها الذكور، بدافع الحب أو الرغبة في التزاوج بيدمر ذكر سمك أبو الشص نفسه وبيضحي بكل ما يملك حرفيًا للأنثى من أجل ارضاءها وبيتحول لشكل من أشكال الطفيليات، في الأعماق السحقية بالمحيطات بيعيش ما يقرب من 200 نوع من أسماك أبو الشص، بعض الأنواع ده بتتزاوج بطريقة عجيبة جدًا، بتتميز الإناث بحجم أكبر بكتير عن الذكور بخلاف إمتلاكها لخاصية الضيائية الحيوية وهي الميزة اللي بتساعدها في جذب الذكور ليها كمان، وبمجرد ما الذكر يعثر على الأنثى العملاقة بيعضها وبيمسك فيها جامد لحد ما تبدأ تلتحم أنسجته وأنظمته الحيوية بجسمها، واستفادته من الحكاية دِه إنه بيحصل في المقابل على المغذيات اللازمة له من دم الأنثى، لكن وعلى الجانب الآخر بيبدأ يفقد عيونه وزعانف وأسنانه ومعظم أعضائه الداخلية وبيتحول لشكل من أشكال الطفيليات.